Saturday, March 30, 2013

هاخد حقي بدراعي


عندما يغيب الأمن،

عندما يغيب العدل،

عندما يغيب القانون ومنفذيه،

عندما يتحول منفذو القانون في نظر الناس لبلطجية رسميين بسبب افعالهم،

عندما تستخدم السلطة الحاكمة ميليشياتها في البلطجة وضرب وسحل معارضيهم والتحقيق معهم كما لو كانوا يملكون حق الضبطية،

عندما تُستخدم المليشيات لمهاجمة معتصمي الاتحادية والتنكيل بهم، ويحاصروا المحكمة الدستورية العليا،

عندما يحاصر بلطجية بصبغة دينية مدينة الانتاج الإعلامي ويمنعون العاملين من دخولها،

عندما يغلق معتصمو التحرير المجمع في وجه العاملين والمواطنين، ويخرج علينا البلاك بلوك بتهديداته، ويحاول مجهولون تحطيم المحلات والمطاعم،

عندما تقع المعارضة في الفخ كالفأر الأبله وتهاجم مقرات السلطة الحاكمة وتوسعهم ضرباً،

عندما يحدث كل هذا، ماذا تنتظر من الناس البسيطة،العائشين بين ترويع من البلطجية لأمنهم، ونوم دائم من الشرطة والقانون، ماذا تنتظر منهم عندما يشاهدون بلطجة السلطة الحاكمة على المعارضة والعكس.

لا تستغرب كثيراً عندما تجد ان ثقافة "هاخد حقي بدراعي" قد انتشرت بين الناس كانتشار الغاز في جو الغرفة، فعندما يفقد الناس الثقة في الحل من الجهات المسؤولة من الطبيعي ان يتحولوا لهذه الثقافة، فتجد العاملين في المحلات والمطاعم يحملون العصي والسنج لرد أي هجوم محتمل من بلطجية، وتجد صاحب مقهى في الزمالك يحتفظ برشاش آلي لنفس الغرض، تجد ان فتيات كثيرات يمشين وفي حقيبة كل منهن صاعق كهربي او مطواة لتدفع عن نفسها أذى أي متحرش مأفون يقترب منها.

انتشرت ثقاقة "هاخد خقي بدراعي" ولم تعد تستخدم فقط للرد على هجوم البلطجية، بل أصبحت الآن تستخدم في الهجوم على البلطجية ومحاصرتهم لدرء شرهم من البداية عملاً بمبدأ الوقاية خير من العلاج، فتجد أهالي قرية قاموا بنصب كمين للبلطجية والقبض عليهم، ثم قاموا بسحلهم وصلبهم على أعمدة الإنارة أو الأشجار وتعذيبهم، وكادوا أن يحرقونهم أحياءاً لولا أن تدخل العقلاء أو من بقي لديهم شئ من العقل في هذا المناخ المجنون فحالوا بينهم وبين الحرق، وبعد أن افرغوا فيهم غضبهم المكبوت أو جزء منه وانتقموا لترويعهم أتت الشرطة تمشي الهوينى لتقبض على البلطجية !!

تكررت هذه الظاهرة عشرات المرات في عشرات القرى والمناطق المختلفة، وهو مؤشر خطير له تداعيات كارثية لانه حتى وقتٍ قريب كانت هذه الظاهرة مقتصرةً على الدفاع عن الحق أو رد العنف والخطر، ولكنها لن تستمر هكذا، فللقوة غرورها وسطوتها على الشخص، وفي ظل الاحتقان والعنف وغياب الثقافة والحوار والامن من السهل جداً ان يتحول المدافع عن الحق لمغتصبٍ لحق غيره وهو يظنه حقه المشروع، ومن السهل أن ينتقل من الدفاع للاعتداء وهذا ما سيدفع البلد نحو حرب أهلية ستُفسد في الأرض والروح، وإن نجت الأرض من آثارها المدمرة فلن تنجو الروح منها.

على العقلاء في هذه البلد – لو مازال فيها عقلاء – أن يشعروا بالخطر الذي يكشر عن أنيابه، ويحاربوه، حتى يظل هناك دولة يتصارعون على حكمها.


أحمد عويضه

No comments:

Post a Comment