Tuesday, November 13, 2012

العصر الذهبي



ياااااااااه فين ايام زمان .. كانت ايام جميلة كلها خير وكان كل حاجة ليها طعم حلو..
دي الجملة الاثيرة اللي دايما تسمعها من الناس الكبيرة ويكون قبلها تنهيدة حارة عميقة ومصمصة الشفاه ومفيش مانع يكون بعدها جملة "مش زي ايامكم المنيلة بنيلة دي"

كل تفكيرنا دايما ان الماضي هو العصر الذهبي في كل حاجة وانه دايما افضل من الحاضر وان العصر الذهبي ده خلاص انتهى بالحاضر اللي احنا عايشينه.. كل جيل بيصر ان ايامه كانت حلوة اوي والايام اللي قبلها كمان ودايما الايام اللي بعدها منيلة بنيلة.. اعتقد ان جيل جدودنا كان بردو بيتقالهم زمان انتو ايامكم منيلة بنيلة ومفيهاش اي بركة ولا خير وكل جيل يسمع الجيل اللي قبله الكلام ده لحد ما نلاقي الاب بيرعى الأغنام في البادية وبيقول لابنه "ما هذا الهراء الذي تسمعونه؟؟ أتظن ان ما يقوله هذا المدعو قيس بن الملوح شعراّ؟ واضيعتاه لزمن الشعر الجميل.. وقتما كنا نجلس حول الكعبة لنسمع معلقات عمرو بن كلثوم وامرئ القيس".

المشكلة ان العصر الذهبي بالنسبة للناس مش في الفن بس .. ده في كل مجالات الحياة .. دايما متخيلين ان اللي فات كان جميل وخير وبركه وتقدم وحضارة ودي حاجة كويسة جدا انك تعتز بتاريخك بس المشكلة بقى لما تشوف دايما ان اللي جاي منيل بنيلة.. وده اكبر عائق في تقدم اي امة.

يقول الفيلسوف الراحل زكي نجيب محمود "وفكرة التقدم هذه من الأفكار المركبة التي تحتوي أبعاد كثيرة. فمنها ان الآخذ بها لابد من أن يجعل نفسه على اعتقاد راسخ بان الحاضر قد هضم الماضي، ثم أضاف جديدا تلو جديد مما انتجته السنون. ومعنى هذا ألا يكون (العصر الذهبي) وراء ظهورنا، بل يكون موضعه الصحيح هو في المستقبل الذي يعمل الناس على بلوغه. ومن هنا تكون فكرة (التقدم) محتوية على وجوب (التغير) مع متغيرات الحضارات المتعاقبة، و(التطور) الذي ينقل صور الحياة نحو ما هو أعلى. ومعنى ذلك وجوب الاهتمام (بالمصير) ".

تاريخنا ملئ بالنقاط المضيئة في العالم كله بداية من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، العبقرية الادارية الجبارة، مؤسس الدولة الإسلامية ، دولة اساسها الجانب الإيماني والروحاني والجانب الإداري العلمي وكانت النتيجة ان الدولة دي تسيدت العالم مئات السنين.

وتستمر النقاط المضيئة في تاريخنا  زي ابن سينا وابن رشد والرازي وابن المقفع وجابر بن حيان والخوارزمي وغيرهم من المبدعين في كل العلوم الطبيعية وعلم الاجتماع والفلسفة والأدب والإدارة والرياضيات وكل مجالات الحياة. وفي العصر الحديث احمد زويل وفاروق الباز وعصام حجي ونجيب محفوظ والعقاد وغيرهم من العباقرة اللي ابهروا العالم.

القاسم المشترك بين كل المبدعين دول في تاريخنا هو انهم مبتكرين ومبدعين .. دائما كانوا بيحاولو يضيفوا جديد للحياة في كل المجالات ونظروا الى الماضي نظرة مختلفة. نظرة المبتكر اللي بيدرس الماضي عشان يطوره ويصنع الحاضر والمستقبل.

لازم نغير نظرتنا لتاريخنا العظيم، نظرة الاسى والحسرة والمصمصة والبكاء على الاطلال. لازم نبطل كلمة الله يرحم ايام زمان والحنين الى الماضي اللي بيخلينا دايما متخيلين ان الماضي هو الأفضل. لازم ندرس تاريخنا كويس ونستفيد منه بأننا نجعله اساس نبني عليه الحاضر ونطور بيه المستقبل. لازم نبص لتاريخنا بغيرة تخلينا نبدع ونبتكر زي اجدادنا المبدعين اللي دول اوروبا وامريكا استغلوا ما وصلوا اليه من علوم وطوروها وصنعوا النهضة العظيمة اللي هما فيها دلوقتي في وقت كنا احنا مكتفين بالبكاء على الزمن الجميل اللي راح ومش راجع تاني.

لازم نغير عقيدة ان العصر الذهبي انتهى ونستبدلها بعقيدة ان العصر  الذهبي قادم واننا هنكمل النهضة اللي عملها اجدادنا وهنكون فخر ليهم .. لو معملناش كدا عمرنا ما هنشوف تقدم وهيفضل العالم كله يتقدم واحنا محلك سر.


أحمد عويضه

No comments:

Post a Comment