Monday, December 10, 2012

مماليك بدون العز



قبل موقعة عين جالوت العظيمة الفارقة في تاريخ البشرية ، ولما كان المظفر قطز يعد العدة لمواجهة التتار وكانت أموال الدولة مش كافية لتجهيز الجيش بطريقة مناسبة لمعركة مصيرية زي عين جالوت، اقترح الأمراء المماليك على المظفر قطز انه يفرض ضرايب على الشعب ( اللي بيلاقي قوت يومه بالعافية اصلاً) وتستغل أموال الضرايب في تجهيز الجيش لمواجهة التتار.

اقتنع المظفر قطز بفكرة المماليك، وقبل ما يصدر الامر بتنفيذها ثار العالم الجليل العز بن عبدالسلام على الفكرة وقال انه لازم تكون آخر خطوة لتجهيز الجيش هي فرض الضرايب على الشعب، قبلها لازم يفرغ بيت المال تماماً ولو لم يكفي المال يباع الأمراء المماليك اللي هما في الأصل عبيد مملوكين للدولة اشتراهم الملك الصالح نجم الدين أيوب، وتصادر منهم كل أموالهم وقصورهم وضياهم اللي اخدوها من بيت المال بدون وجه حق، وبعدها تفرض الضرايب على الأثرياء من الناس بقيمة تتناسب مع حجم ثرواتهم، ولو المال المجموع من كل المصادر دي مكفاش، وقتها من حق المظفر قطز انه يفرض ضرايب على الشعب.

امتثل المظفر قطز لرأي الشيخ بن عبدالسلام، وبدأ بأمواله الخاصة وصادرها لبيت المال وصادر اموال واملاك الأمراء المماليك ( وده كان من أسباب مقتل المظفر قطز) وكانت أموالهم كافية لتجهيز الجيش المصري ولم يضطر لفرض الضرايب على الشعب وكتب الله النصر للجيش المصري في موقعة عين جالوت.

دلوقتي وبعد مرور اكتر من 750 سنة على موقعة عين جالوت، قرر الدكتور محمد المرسي رئيس الجمهورية وحكومته انهم يفرضوا ضرايب على الشعب (اللي بردو بعد 750 سنة بيلاقي قوت يومه بالعافية) بحجة أنها من ضمن برنامج إصلاحي التزمت بيه الحكومة واتفقت مع صندوق النقد الدولي عليه عشان يقرضونا 4.8 مليار دولار.

عقل مين ده اللي يصدق ان صندوق النقد الدولي لاول مرة في تاريخه يشترط على دوله انها تفرض ضرايب على الشعب عشان يوافق على إقراضها المبلغ المطلوب.

 من واقع خبراتنا مع صندوق النقد الدولي، بحكم اننا من اكتر الدول اللي بتقترض منه اصلا، دايما بتكون شروطه هي تخصيص نسبة معينة من القرض لمشاريع تطوير الصحة والتعليم، وعموما بتكون الشروط على كل دول العالم في مصلحة الشعوب مش لتعسيف الشعوب.

لم يشترط البنك الدولي قبل كدا على أي دولة تقترض منه انها تفرض ضرايب على الشعب لان فرض الضرايب يعتبر من السياسة الداخلية للدولة.

وعقل مين ده اللي يصدق ان صندوق النقد الدولي يشترط فرض ضرايب على الشعب المصري على الرغم من علمه ان المواطن المصري تحت خط الفقر بمسافة تعادل المسافة بين سطح وعمق المحيط الاطلنطي، نظرا لمعدل دخله المتواضع جدا بالمقاييس العالمية.

اي حكومة محترمة لو عايزة توفر فلوس، أول طريقة المفروض تلجألها هي تخفيض الإنفاق الحكومي ومفيش مانع نوصل للتقشف الحكومي لمؤسسات الدولة.

والمقصود بالتقشف الحكومي مش تقليل مرتبات الموظفين الغلبانين، المقصود بيه هو تخفيض بدلات الوزرا ومصاريف الانتقال والعربيات الفارهة والتكييفات والدفايات وكل المنافع اللي في مكاتبهم، مش تكون أول طريقة هي فرض الضرايب على الشعب المعدم.

ومين من المشايخ اللي قارفينا في التلفزيون ليل نهار في الحرام والحلال دول زي العز بن عبدالسلام، همه الاول والأخير هو الشعب، يطلع يرفض قرارات فرض الضرايب على الشعب ويطالب بحلول بديلة.
مين فيهم فاهم ليه سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال (لو كان الفقر رجلا لقتلته) عشان يطلع يقول لمرسي ان الفقر والجهل هما أساس كل المصايب.

 مين فيهم عنده الشجاعة انه يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر، الشيخ العز بن عبدالسلام أفتى بمنع زواج المماليك من الحرائر لأنهم عبيد للدولة، ولما ابنه نصحه انه ميعاديهمش عشان ميبطشوش بيه، رد عليه وقال ( ءأبوك أقل من ان يقتل في سبيل الله؟ )، مين فيهم عنده واحد على ألف من الشجاعة دي ، ولا بس فالحين تمجدوا في الرئيس وتلعنوا وتكفروا المعارضين وتقذفوا المحصنات وتتهموا الناس بدون أدلة.

احنا دلوقتي بنرجع لعصر المماليك.. بس للأسف من غير العز بن عبدالسلام.


أحمد عويضه

No comments:

Post a Comment