Monday, December 3, 2012

سيد الفرعون



(بعد يومٍ حافلٍ اختلى الفرعون اخيراً بعرشه.. دار ببصره في القاعة وجلس على كرسي العرش.. أحس بنشوةٍ غامرة، وانتابته قشعريرةٌ تدغدغ جسده من ملامسة كرسي العرش الذي لم يحلم يوماً بالجلوس عليه)

الحاجب: مولاي الفرعون.. الوزير "زد حتب" يستأذن في الدخول.

الفرعون: في مثل هذا الوقت!! ادخله على الفور.

الحاجب: أمر مولاي.

يدخل الوزير "زد حتب" مرتبكاً مضطرب الخطوات... 

زد حتب: مولاي الفرعون.. جمعٌ كبيرٌ من الشعب غاضبون بسبب المرسوم الملكي الذي اصدرته.

الفرعون: ماذا ؟ هل هو جمعٌ غفير؟

زد حتب: انهم كثير يا مولاي واخشى ان يزيد عددهم ان ظللنا صامتين ولم نعرهم انتباهنا.

الفرعون: هل نجعل الحرس الملكي يفرقهم؟ 

زد حتب: يا مولاي انهم لم يعتدوا على أحدٍ او على شئٍ، لا مبرر للحرس الملكي لكي تتدخل.

الفرعون: إذاً ندس بعضاً من أتباعنا ليثيروا الشغب وبهذا يتدخل الحرس لتفريقهم.

زد حتب: أخشى يا مولاي ان الشعب من الفطنة ليدرك هذه اللعبة خاصةً وان من سبقك فعلها وفهم الناس الخدعة وقتلوه.

الفرعون: (وقد بدا عليه الإضطراب) حسناً.. هيا بنا نذهب إلى الكاهن الأكبر نسأله المشورة. أليس هو صاحب المرسوم الحقيقي. هيا بنا  إليه.

زد حتب: سآمر بتجهيز موكب مولاي.

الفرعون: هل جننت! لا اريد لأحدٍ ان يعرف اني ذاهبٌ إلى الكاهن الأكبر. انها زيارةٌ سرية كعادتنا دائماً.

زد حتب: أمر مولاي.

(يذهب الفرعون والوزير متخفيين إلى قدس الأقداس حيث الكاهن الاكبر مجتمعاً بالكهنة ويتلو عليهم تعاليم آمون، وما أن يرى الفرعون والوزير قادمين حتى يصرف جميع الكهنة)

الكاهن الأكبر: أرى أن قدومكما هنا في هذه الساعة لأمر جلل؟

الفرعون: أجل يا سيدي إنه أمر جلل.

الكاهن الأكبر: ماذا وراءكما ؟

زد حتب: جمعٌ غفيرٌ من الناس يا سيدي مجتمعون في ساحة المدينة للإعتراض على المرسوم الملكي الذي أصدره مولاي الفرعون.

الكاهن الأكبر: هل هذا هو الأمر الخطير الذي جئتما من القصر لأجله؟

الفرعون: وهل هناك ما هو اخطر من ذلك؟

الكاهن الاكبر: منذ أن اعطيتك المرسوم الملكي لتفرضه على الناس وانا أنتظر هذا الاعتراض، بل كنت أريده في الواقع لنحقق مبتغانا.

الفرعون: أفصح يا سيدي.. لست أفهم شيئاً.

الكاهن الأكبر: ألا تستحي وأنت الفرعون أن تقول لا أفهم شيئاً ؟ 

الفرعون: سيدي الكاهن.. أنت تعلم أني حديث عهد بالحكم، وأنني لم اتخيل للحظة أن اكون الفرعون إلا حين أمرت أنت بهذا.

الكاهن الأكبر: إذاً فلتصمت واسمع.

الفرعون: أمرك سيدي.

الكاهن الأكبر: إنهم باعتراضهم هذا يسيرون وفق ما أريد.. الآن وبعد أن أصدرت هذا المرسوم الملكي الذي يعيد للناس ذكرى الفرعون السابق الذي قتلوه، سنجعلهم يوافقون على المرسوم الملكي الآخر الذي نريده.

زد حتب: كيف يا سيدي ؟

الكاهن الأكبر: سنحشد مؤيدينا ومحبي آمون في جميع انحاء الوادي ونشيع بين الناس ان من يعترضون على المرسوم الملكي هم في الأصل معترضين على آمون وتعاليمه وبهذا يفقدون تعاطف الناس معهم ونجعل حتى من يتعاطف معهم يخشى المجاهرة بتعاطفه حتى لا يتهم بمعاداة آمون.

الفرعون: (منبهراً) ثم ماذا نفعل بعد ذلك؟

الكاهن الأكبر: بعدها يضج الناس بصراع الطائفتين وحينها نصدر لهم المرسوم الملكي الجديد، فيه بعض مما يريدونه والباقي ما نريده نحن.. وحينها سيوافق الناس على المرسوم الملكي الجديد، ولن يستطيع احدٌ أن يعارض وإلا ثار الناس كلهم عليه.

الفرعون: وماذا تريدني أن افعل سيدي؟

الكاهن الاكبر: أريد منك ان تلتزم الصمت ولا تعرهم انتباهاً. واترك لي تنفيذ مخططنا.

الفرعون: (صاغرا) سمعا وطاعة سيدي.

أحمد عويضه

No comments:

Post a Comment